بداية القصة 2 🔔



الحق لا يُعرف بالرجال 
إعرف الحق تعرف أهله 

شرح لهذه المقولة الأكثر من رائعه 
وهي قاعدة لكل من يسير على درب الحق ولا يتعصّب لجهة ما لأنها توافق هواه او مذهبه ودينه او قبيلته 

مشكلتنا أننا حتى لو سمعنا الحق من شخص عدو لنا او يخالف توجهنا لا نأخذ به 

شخص أتى بجديد لكنه غير معروف في الوسط الإجتماعي 

هنا تتم مهاجمته من القطيع الجاهل 
مهاجمة شخصه وليس مهاجمة الفكرة 

 الشيء الذي لا يستوعبه الجاهل المنغلق على نفسه ان الفكرة تناقش لذاتها 
ولا تعتمد على ماهو مصدرها 

سواءاً كان هذا المصدر عالما او خبيرا او حتى راعي غنم ، لا يهم 

الفكرة تناقش لذاتها وليس لمصدرها 

ومخالفة هذه القاعدة هي ما أدت بنا إلى الوصول لهذا المستوى من الخوف والجهل وتذيلنا بآخر الأمم 

فالشخص العادي البسيط اصبح يخاف من طرح افكاره 
لأنه يعلم انه سينبذ ويهاجم 
ماهي مؤهلاتك ؟
وهل انت درست أمهات الكتب ؟
وهل وهل 
ثم من انت ؟

كل هذه الأسئلة الغبية هي سبب الجهل الذي نعيشه 
لا يناقشون الفكرة بل يناقشون المصدر لهذه الفكره وهذه هي الطامة الكبري

في عام 1879 قرر الاسكتلندي جيمس موري تجميع الكلمات الإنجليزية ووضعها في قاموس 
وهو ما صار يطلق عليه ( قاموس اكسفورد ) 

الفكرة بسيطة لكنها ضخمة وتحتاج لمجهود جبار 
إذ قرر ( موري) إدراج جميع الكلمات الإنجليزية المتداولة والغير متداولة 
ومعنى الكلمة وتاريخها وأول مرة تم إستخدامها ودلالتها الاصلية واستخدامها الحالي ووو 

إنه مشروع جنوني إلى درجة يصعب فيها إستيعابه 

كانت المشكلة التي تواجهه انه بمفرده 
وهكذا مشروع يحتاج لطاقة بشرية كبيرة 
فما كان منه إلا أن طبع رسالة يطلب فيها متطوعين قراء وخبراء يساعدونه في مشروعه الضخم 

وأرسل هذه الرسالة إلى الصحف في بريطانيا وامريكا والمستعمرات البريطانية الناطقة باللغة الإنجليزية 
كما ارسلها لجميع المكتبات والمتاجر 

طلب من القراء المتطوعين تدوين الكلمة ومعناها واين استخدمت لاول مرة وماهي دلالتها السابقة والحالية وهل تغير فيها شيء ؟

بعد إنتشار الرسالة جاءت الردود بالملايين 
قرابة ستة ملايين رد 

اصاب موري بعض الإحباط لأنه شعر ان المهمة صعبة 
لكن بشكل مفاجيء بعد عامين من العمل على المشروع الضخم بدأ موري يتلقى رسالة إسبوعية من شخص يدعى 
دبليو ماينز 
كان الطرد الواحد يحتوي على مئات الكلمات وتعريفها مرفقة بمعلومات متى استخدمت لأول مرة وما دلالتها 

رسائل ( دبليو ماينز) إستمرت 8 سنوات بلا انقطاع 
وكانت هي العمود الفقري للمشروع كله وسبب نجاحه ولولا هذا العلم ما اكتمل مشروع قاموس اكسفورد 

نشر ( موري) طبعته الاولى من هذا القاموس وكان في مقدمته شكر خاص للمجهول ( دبليو ماينز) الذي لولاه لما اكتمل هذا المشروع 

الغريب ان موري و دبليو طوال الثمان سنوات لم يلتقوا أبدا 
ولا يعرف احدهم الآخر 

في عام 1889 وصل هذا القاموس لجامعة هارفارد 
وقرأه الدكتور جاستن ويندسر 
وقرأ الشكر الموجه للشخص المجهول والذي اسمه دبليو ماينز 
كان الدكتور جاستن يعرف دبليو معرفة كبيرة 

فقام وكتب رسالة لمألف القاموس موري 
يقول فيها ؛ 
لقد أسعدت العديد من الامريكيين لمدحك وثنائك على دبليو ماينز المسكين ! 


وصلت الرسالة إلى موري واستفسر ماهي مشكلة دبليو ولماذا هو مسكين ؟

فأتاه الرد الصاعق 
هو مجنون يعيش في المصحة العقلية ! 

كان دبليو ماينز الذي يبعث الرسائل مختل عقليا ولكنه متفرق لقراءة الكتب 
فغرفته في المصحة النفسية فيها مكتبة كبيرة 

وكان مهوسا بالقراءة جدا 
ولولاه ما اكتمل قاموس اكسفورد

السؤال الذي يطرح نفسه

ماذا لو علم ( موري) ان الرسائل التي كانت تأتيه هي من شخص مختل عقليا 
هل كان يفكر بمجرد فتحها ؟

هل كان سيسمح لمجنون ان يقترب من مشروعه الأكاديمي الضخم ؟

ربما الإجابة تكون لا لن يسمح ! 

والنتيجة هي انه لن يكون هناك قاموس اليوم إسمه إكسفورد !

سبب نجاح المشروع ان موري كان لا يعرف من يراسله ويعطيه المعلومات 

كان يرى المعلومة فقط 

كان يرى الفكرة فقط ولا يهمه المصدر 
كان عنده مبدأ 
يجب الحكم على المعلومة والفكرة بحد ذاتها 
وليس بناءً على مصدرها 

نحن في هذا الزمن 
ننظر للقائل ولا ننظر للقول 
ماهو لبسه وشكله 
ماهي مؤهلاته 
هل ينطق الحروف صحيحة ام به لكنه ؟

هكذا اسلوب اضاع كثيرا من العلم مع اصحابها 

هكذا اسلوب جعلنا نتوه في عالم الجهل والتخلف 

صدق من قال 
الحق لا يعرف بالرجال
إعرف الحق تعرف أهله .


تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صوم يوم عرفة 🚩

الصيام - وعي 2🚩🚩🚩

الصيام - وعي 🚩🚩🚩